samedi 3 octobre 2015

حمادي بلخشين:تعريف السّـلفية


تعريف السّـلفية (*) 1/2

يتشكل البيت الطائفي لـ" أهل السنة و الجماعة " (1) من مكونين رئيسين. حنابلة وشوافع ثم اشاعرة. أما الحنابلة و الشوافع فأهل حديث وأثرلا يتجاوزونه الى غيره حتى لو طارت المعزى ودخل الفيل في علبة كبريت، فتجدهم يسارعون الى تضليل و حتى تكفير من خالفهم في قبول حديث نبوي قدّر ذلك المخالف انه عارض نصا قرآنيا أو تضمن علة تقدح في صحته، أو اتخذ ذلك المخالف موقفا مغايرا من مسألة عقدية لا تتعلق بكفر او ايمان .

و اما الأشاعرة( نسبة الى ابي حسن الأشعري) فهم أقل تشددا من الحنابلة، ناهيك ان مؤسس فرقتهم، كان معتزليا قبل أن يعلن رجوعه الى أهل الجماعة ( حزب الحاكم)، و لكن رجوعه لم يشفع له لدى الحنابلة، في محو ماضيه الإعتزالي " المريب "، خصوصا، و قد ابتدع موقفا وسطا في مسألة خلق القرآن و رؤية الله تعالى يوم القيامة، و في حرية الإنسان واختياره وان كانت مواقفه من المسائل المشار اليها، لا تخرج (بعد التدقيق فيها) عن كونها موافقة لما ذهب اليه الحنابلة أي اهل الحديث!

أما أمثال ابي حنيفة و غيره ممن يستحق الإحترام ، من ذوي العقل و النظر و استقلالية الفكر واتساع الأفق، و مجانبة حكام الجور، و ان حسبوا على أهل السنة و الجماعة، فان نسبتهم اليها من قبيل التجوّز، فهم مجرد ضيوف شرفيين اقتضى التقسيم التقليدي بين شيعي و سنة و معتزلي و ماتريدي و خارجي، الحاقهم بطائفة السنة و الجماعة، كي لا يحسبوا على تلك الطوائف، و الحال انهم ليسوا منهم. هذا بالإضافة الى أن ابا حنيفة، لم يدرك القرن الثالث (عصرالتدوين)، حتى يدرج مضمن اهل السنة بمفهومها السياسي ذي الخلفية الأمنية. كما ان رفض ابي حنيفة للملكيات الوراثية، وعدم تقيده بلزوم ظل السلطان و تبرير جرائمه، لا يجعله من اهل "الجماعة" التي أهدر كهنتها كل حقوق الفرد المسلم في سيبل حفظ أمن السلطان الجائر، لأجل ذلك، فمن غير الإنصاف الحاق ابي حنيفة و كل من حذا حذوه من أهل الفضل، بطائفة السنة و الجماعة، بل بالفئة المتمسكةالإسلام النقي الذي بشر به رسول الله، و عمل به الراشدون من الخلفاء، قبيل العدوان السلفي المدمّر .

فالسنة و الجماعة تتازعها اذن طائفان متنافرتان، طائفة الحنابلة تمثل اقلية ( حوالي الخمس )و طائفة الأشاعرة( حوالي الأربع اخماس)، و ان كان يوحد بين الطائفتين النهج التبريري والولاءّ المطلق لحكام الجور، وتنزيه الماضي كلّ الماضي و قديس رموزه كل رموزه ، و مباركة الوضع القائم و السعي بكل اصرار غبيّ على تثبيت الشعوب" تحت مطارق الإستبداد" ، على أمل بائس وحيد يتمثل في انتظار مجدد مئوي أو مخلص اسطوري" يملأ الدنيا عدلا بعدما ملئت جورا". وعلى هذا الإعتبار، واعتمادا على رداءة القواسم المشتركة التي تجمع الفريقين ـ حنابلة و اشاعرة ــ ، ثم اعتمادا على ارضية البلاط الملكي التي يقفان عليها لتجعل منهما راس حربة واحدة في صدور الموحدين و تحديدا واحدا في وجه أي تغيير، وعقبة كأداء أمام مستقبل اسلامي افضل (يمثل الأشاعرة جسم تلك الحربة ويمثل الحنابلة و الشوافع سنّها )، فساعتبر الفئتين شيئا واحدا وغرضا مشتركا، معلنا بذلك عن براءتي من الطائفية الضيقة (2) واعتصامي بالمنهج النبوي الإنساني الرحب الذي حرّم تفريق المسلمين الي شيع متنافرين، و تسميتهم بغير ما سماهم به رب الله {هو سماكم المسلمين من قبل]( 3)
أما السلفيون الذين يمثلون الجناح الحنبلي المتشدد من طائفة السنة و الجماعة، فقد" ظهروا في القرن الرابع الهجري وكانوا من الحنابلة، و زعموا أن جملة آرائهم تـنتهي الى الإمام أحمد بن حنبل الذي أحيا عقيدة السلف و حارب دونها، ثم تجدّد ظهورهم في القرن السابع الهجري، أحياه بن تيمية و شدّد في الدعوة اليه، و اضاف اليه أمورا اخرى قد بعثت الى التفكير فيها احوال عصره : ثم ظهرت تلك الاراء في الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر الهجري أحياها محمد بن عبد الوهاب (4)
غير أن كلمة سلفية : لم تتخذ كتسمية لذلك التجمّع الغثائيّ إلاّ في العقود القليلة الماضية حيث تبناها الوهابيّون بعد وفاة مؤسس فرقتهم محمد بن عبد الوهاب ( 1703/1792) بأكثر من ربع قرن، لتكون لهم طوق نجاة في زمن " كانوا يتبرمون بكلمة الوهابية التي توحي بأن ينبوع هذا المذهب بكل ما يتـــضمنه من مزايا و خصائص، يقف عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فدعاهم ذلك ليستبدلوا بكلمة الوهابية هذه، كلمة السلفية، و راحوا يروجون هذا اللقب الجديد عنوانا على مذهبهم القديم المعروف، ليوحوا الى الناس، بان أفكارهذا المذهب لا تقف عند محمد بن عبـــد الوهاب، بل ترقى الى السـلف، و انهم في تبنيهم لهذا المذهب، أمناء على عقيدة السلف و أفكارهم و منهجهم في فهم الإسلام " (5)

أما اول ظهور لكلمة السلفية ففي مصر" إبان الإحتلال البريطاني لها، ايام ظهور حركة الإصلاح الديني التي قادها ورفع لواءها كل من جمال الدين الأفغاني و محمد عبده، فلقد اقترن ظهور هاته الحركة، بإرتفاع هذا الشعار الذي رفعه اقطابها في مواجهة التيار العلماني الذي يرى الإنضمام الى ركب الحياة الغربية والتخلص حتى من الأفكارالإسلامية"(6

كانت السلفية تعني عند الأفغاني[ شيعي ايراني ] و تلميذه المصري محمدعبده، نبذ الخرافات و الشعوذة و الرجوع الى اسلام نقي" وهكذا تحولت الكلمة من شعار اطلق على حركة اصلاحية للترويج لها و الدفاع عنها الى لقب لقب به مذهب يرى اصحابه أنهم دون غيرهم من المسلمين(7 على حق ّو انهم دون غيرهم الأمناء على عقيدة السلف، والمعبّرون عن منهجهم في فهم الإسلام و تطبيقه"(8

لقد صادفت كلمة السلفية هوى في نفوس الوهابيين ورثة الحنابلة لما حققته تلك التسمية من إشباع ميولات تقديسية لأشخاص معينين، لا لمبدإ عام، فمصلحة الإسلام و حسن تطبيق مبادئه ، لا يجمع السلفيين كما يجمعهم التعصّب لأشخاص، و نصرة فكر هؤلاء الأشخاص، و لو كان ذلك على حساب عزة الإسلام و مصلحة المسلمين .

فــ " السلفية مذهب جديد مخترع في الدين، كوّنه أصحابه من طائفة من الآراء الإجتهادية في الأفكارالإعتقادية، ثم حكموا بأن هذا البنيان الذي اقاموه من هذه الاراء المختارة من قبلهم، و بناء على أمزجتهم و ميولاتهم، هو دون غيره البنيان الذي يضم الجماعة الإسلامية الناجية والسائرة على هدي الكتاب و السنة، و كل من تحوّل عنه الى آراء و اجتهادات اخرى مبتدعون تائهون "(9
و يا ليت تلك "الإجتهادات" البائسة كانت ذات نفع للمسلمين في دينهم و دنياهم و لكنها تخبطات بدعية و مسائل فرعية " اختلفت اتجاهات الأئمة و العلماء من قبلهم فيها، ثم مروا بها و تجاوزوها، وقد أعذر المختلفون بعضهم بعضا في شأنها، و لن تجد شيئا من هذه المسائل قد أعطيت سبيلا واحدا في الراي والإجتهاد، لتجري من ورائها ذيولا من التفسيق و التضليل والتبديع، لمن رجّح فيها رأيا آخر إلاّ في ظلّ نشاة السلفيّة هذه "(10)

فالسلفية حركة رجعية تتحصن بدعوي حفظ الدين، لتجلس في حجور السادة العالمين لتـنتف لحاهم و تتبوّل على ثياب اتقاهم، مستدلة على تخبطها بما صح في عقلها الكليل من سنة النبوية، لاوية أعناق الآيات،حتي تســـتقيم مع ما تـــدعو اليه من ترّهات، مســـوّية اقصى الذرى، بالدركالمنحط من الثرى، تكلمهم باسم اسلامنا وصمةعار ، ووجودهم في مقدمة ركبنا ايذان بالهزيمة والدمار، من كشف عوارت بقراتهم المقدسة اتهم بمعداة سيد المرسلين، و من أهمل التصدي لها،أتت على الدنيا وأفسدت الدين، فهي كجرذان المسجد، ان سفكت دماءها لوثت الحصير، وان تركتها تفسد وقعت في سوء التدبير !


يتبع
ــــــــــــ هوامش و تعليقات ـــــــــــــــــــــــــــــ
(*) لأجل أن السلفية الحنبلية تعبر اصدق تعبير عن معتقدات طائفة اهل السنة و الجماعة فسأركز عليها اكثر...نشأة و فكرا و رموزا.
(1) اصل كلمة" الجماعة" اخذت من عام الجماعة التي استعادت فيها الأمة وحدتها التراببية بعد انشقاق معاوية و اقتطاعه بلاد الشام و مصر و اليمن و المدينة عن دولة الإسلام, و قد تم ذلك اثر تـنازل الحسن بن علي رضي الله عنها عن الخلافة لمعاوية ابن ابي سفيان، ثم اضيف الي اسم "الجماعة" تسمية " السنة" لتصير اهل السنة و الجماعة, وقد تم ذلك إثر تدوين الحديث الذي حصل بعيد" ضجّة السوق" التي رفعت رصيد غير اهل الرأي و النظر من المحدثين، و منحت حكام الجور شرعية لصياغة منظومة امنية شديدة الأحكام تسر الحاكمين و تسحق المحكومين سموها احاديث نبوية ( من فرص اللصّ ضجّة السّوق ــ مثل ــ و اعني بضجة السوق مسألة خلق القرآن التي سأتـناولها لا حقا).
2) سيقال لأبي بكر لو بعث في ايامنا " نحن آسفون فليس لك أي مكان بيننا، فالإسلام الذي تعرفه قد حجزت السنة كل اركانه و زواياه فاما أن سنيا تابعا ذليلا أو شيعيا خرافيا. .
(3) لأجل ذلك قلت :
أنا مسلم لا ارتضي تسمية غير التي
أكرمني ربّي بها / أعظم بها تسميتي
فلست شيعيا و لا / أدين بالخرافة
و لست سنيا و لا/ ارضي بتلك النسبة
(4) محمد ابو زهرة تاريخ المذاهب الإسلامية الفقهية ص 187
(5) محمد سعيد رمضان البوطي السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب اسلامي ص 236
(6) محمد ابو زهرة مصدر سابق ص 232
(7) يقصد البوطي "بغيرهم من المسلمين" الأشاعرة الذي هو منهم. و قد ذهل البوطي عن حقيقة ان الحنابلة و الأشاعرة يحملون نفس العقائد التعيسة و المدمرة، وان الجميع سلفيون في نهاية المطاف. اما غضب البوطي من تكلم الحنابلة باسم السلفية، فلأن السلفية تكفر الشيعة الذين هم حكام البوطي و قرة عينه.
(8) البوطي مصدر سابق . ص 236
(9 و 10)البوطي مصدر سابق على التوالي 242/256



السلفية حركة لغوية :

و لما كان المثال يوضح الحال هاكم طرفة بليغة تغني عن كل كل حبكة و صيغة. ورد في كتاب "الغيث المنسجم في شرح لامية العجم " : " سأل بعض المغفلين إنسانا فاضلا فقال له كيف تنسب الى اللغة؟ فقال لغوي. فقال اخطأت في ضمّ اللاّم، انما الصحيح ما جاء في القرآن قال الله تعالى { إنك لغويّ مبين} القصص 14 ( ص 348) .
ففهم السلفيين للدين، لا يتعدى فهم ذلك المغفل المهين، حيث جمع بين الجهل و الجرأة على الشرفاء ، وقد كانت خصلة سوء تكفيه، ليصفع بالحذاء .


السلفية حركة حمارية :

السلفية حركة حمارية في تصوّرها لله عز و جل، و في فهمها لدور للإسلام وو ظيفته المحلية و العالمية، و اعني بالحمارية، نسبة الى حزب الحمارييّن، وهو حزب يمثل صنفا من المتدينين جمع الحماقة و حسن النية في إهاب واحد. وخير من يمثل ذلك الحزب ، الإعرابي الذي حجّ فدخل مكة قبل الناس و تعلّق بإستار الكعبة قائلا : اللهم اغفر لي قبل ان يدهمك الناس! أو الإعرابي الذي كان يقول في صلاته : الله أغفر لي وحدي فقيل له لو عمّمت المغفرة فقال أكره أن أثقل على ربّي! أو من جنس ما قاله أحمد التمّار في قصصه : لقد عظّم رسول الله ص حقّ الجار حتى قال فيه قولا أستحي أن أذكره !أوذلك الإعرابي من قال في دعائه : اللهم اغفرلي من ذنوبي ما علمت منها و ما لم تعلم!
أما سبب تسميتي لهاته الفئة بالحمارية، فنسبة الى المنخرط الحماريّ الأول، وهو رجل من بني اسرائيل حكي انه " تعبّد في صومعة فامطرت السماء فأعشبت الأرض فرأى حمارا يرعى فقال: ياربّ لو لوكان لك حمارا رعيته مع حماري! فبلغ ذلك نبيّا من انبياء بني اسرائيل فأراد أن يدعو عليه فأوحى الله تعالى اليه: إنما أجزي العباد على قدر عقولهم (اخبار الحمقى و المغفلين) "

و إذا كان للنبيّ الإسرائيلي من الحلم الى درجة انه لم يدع علي الحماري المذكور فمن واجب كل مسلم أن يجتهد في الدعاء حتى يوضع عن امتنا هذا الإصر السلفي الثقيل، لأنّ الحماري ّالإسرائيليّ لم يدّع انه" ناصرالدين" و حاميه و المتكلم بإسمه، كما لم يتورط معشار ما تورط فيه السلفييون من استهانة بذات الله و تشبيهه بالبشر، و من جعل دين الله الذي اريد به رحمة العالمين ،مطية لأسر حاكمة لا مؤهلات لها سوى نسبتها لقبيلة ما دون سواها .

إن محدودية المدارك العقلية السلفيية هي التي اكسبتها عضوية دائمة في حزب حماريّ أرهق أمتنا رفسا و دهسا و شهيقا و نهيقا و حملا لأسفار من مرويات " يستحي المرء من ذكرها " ( لو نجا رؤس السلفية من النار، فلأن صفة الحمارية ستكون الحيثية الوحدية لإنقاذهم من الخلود فيها، لأنّ ما احدثوه في دين الله لا يجعلهم طرفة عين في عداد المسلمين فضلا عن علمائهم ) .


السلفية حركة دببيّة :

لمّا تواتر ان طائفة من شيوخ السلفية و رموزها كانوا متقشفين، زهادا في متع الدنيا معرضين عن زخارفها، انتفى في حقهم نفاق الحكام لنيل بعض دنياهم، و تبين ان اضرارهم بالمسلمين كان لوجه الله تعالى، لأجل ذلك حقّ نسبتهم الى حزب الدببة، نسبة الي الدب العطوف الذي هشم راس صاحبه بحجر كان يستهدف به ذبابة حطت على راسه و هو نائم، فقد قتلتنا السلفية بوقوفها دون تحفظ في خندق حكام الجور، لا لشيء الا استعظامها ردّ أحاديث نبوية" صحيحة الإسناد"! تبرر انحراف هؤلاء الحكام و تعطيهم صلاحية ادارة ممالـكهم على الطريقة الإقطاعية .

لقد تحوّل إسلامنا نتيجة الخلط السلفي للأولويات، و تعظيمهم للهيّن و تهوينهم للعظيم، الى متجر ملابس دخلوه " و قد وزعت فيه انواع الملابس على مختلف الجوانب، والطبيعي أن من يريد كسوة كاملة يمرّ بهذه الجوانب كلها ليأخذ ما يغطيه من رأسه الى قدمه و لكن يحدث أن ترى من يشتري قلنسوتين و يخرج حافيا أو من يشتري منديلا و يخرج عاريا" (1). فقد صنعت السلفية اجيالا " تهتم بشرك القبور و لا يهتم بشرك القصور" اجيال لا يعنيها شرك طاعة الحكام الذين يحملون المسلمين على التحاكم الى غير الشرع الحكيم ، في حين تقيم الدنيا و لا تقعدها إذا زارت ثكلى مفجوعة قبر ولدها، لأن زيارة القبور في عرف السلفيين حرام على النساء مباحة للرجال! و كأنّ الرجل الذي حمل ولده خفّا ووضعه شهوة، أحقّ من زوجته بزيارة قبره و قد حملته كرها ووضعته كرها ألا ساء ما يحكمون !


السلفية حركة كهنوتية :

هي كذلك من حيث تصورها الضيق لدور الإسلام التي رات فيه خادما لأطماع عائلة مالكة في اقليم منسي من الأرض و ليس حركة تحرير عالمية .
كما تعتبر السلفية حركة كهنوتية من حيث استفظاعها استصحاب العقل عند تلقي النصوص المقدسة، ثم دعوتها تحت طائلة التضليل والتكفير الى التوقف الكلّي إزاء تلك النصوص، حتى لو خالفت المعقول، بل حتى لو ناقض بعضها بعضا ،اخذا بالمبدأ الإنجيلي المحرف" اعتقد و انت اعمى / اغمض عينيك و اتبعني. كما تعد السلفية حركة كهنوتية من حيث نظرتها التقديسية (المتولدة عن الإنعدام الكلي للملكة النقدية) لشيوخها اخطأوا أم اصابوا، ومن حيث جعلها تفسيرالنص الديني حكرا على فئة معينة تمتلك رموزه السرية. لأجل ذلك الإعتقاد المميت سقط الحنابلة والشافعية بخلاف ــ اهل الرأي ــ في فخ الصوفية ذات الخلفية الشيعية / المجوسية المقدسة للإشخاص . حيث لم نعدم حنبليا أو شافعيا يزعم لنا " أنّ سرّ القرآن في الفاتحة، و سرّ الفاتحة في بسم الله، و سرّ بسم الله في الباء، و سرّ الباء في النقطة ! " حتى انه " لأجل كشف تلك الأسرار كلّها، أنفق أحد مشايخ الصوفية 14 سنة بتمامها و كمالها لدراسة نقطة الباء ![ لا بدّ أنه لمّا وصل لدائرة حرف الميم بقي يدور فيها دوران الحمار بالساقية و لم يستطع الخروج منها إلى أن فاجأه الموت، كما فاجأ لصوص المغارة شقيق عليّ بابا الذي نسي كلمة إفتح ياسمسم فكان مصيره الذبح !] و قد زعم بعض هؤلاء أن رســول الله" قد أوحى إليه ثلاثة علوم : علم أمره الله بإفشائه، و هو علم الأحكام, وعلم خيّره الله فيه و هو علم الأسرار، و علم أمره بكتمه الا عن بعض خواصه، و هو علم سر القدر". كما اننا لا نعدم آخر يقول " سمعت سيدنا رضي الله عنه يقول: طلبت من سيدنا محمد بلوغ الغاية في أقصى مقام القطبانية التي ما فوقها إلاّ مقام النبوّة فقال لي : مقامك هو مقام ا م ع ن ا ا م ز ت غ ت" يقول صاحب الكتاب في تعليقه على هذا البلاء المبين : " لا ينبغي لأخ صادق أن يتجاسر في إستخراج أصحاب هذه المقامات المرموز لهم بهذه الحروف، بل الواجب عليه أن يقول : ما لنا إلاّ إتباع أحمد [ التيجاني] فما أفشاه أفشيناه، و ما أخفاه أخفيـناه, و من فتح الله عليه وأفشى شيئا من ذلك، يخاف عليه السلب والطرد والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم ! (2)

ولمّا رسخ في أذهان عامة المسلمين، أنّ " العالم" السّلفي يعلم ما لا سبيل لغيره أن يعلمه فوّضوا اليهم كل أمورهم(3) وأعطوهم توكيلا للـتفكير والإنجاز نيابة عنهم، وأسبغوا عليهم عصمة إن أنكروها صراحة فقد كشفها لسان حالهم، وهم يضللون كلّ تجرأ على نقد شيوخهم, حتى لو تورطوا فيما عف عنه ابليس، ووقع في صريح الكفر، بمؤازرته من كفر من أولياء الأمور بل و مؤازرة المحاربين من قادة اليهود و النصارى كما فعل القرضاوي.
أما من جعل شيخه فوق النقد فرأى القذى في عين مخالفيه و تغاضى عن الجذع في عين شيخه, جاز تسجيله كعضو دائم العضوية في "حزب النقطة و التفويض بسبب اعتقاده الضمنّي أنّ فهم النصوص ليس في متناول أيّ عالم ما لم يعكتف على نقطة الباء ليسبر غورها و يكتشف أسرارها لعقد من الزمن !. أمّا كلمة التفويض فلمنح عقله إجازة مفتوحة لوجود من يفكّر عنه .


السلفية حركة يهودية في نظرتها العدائية للمرأة :

فهي تحتقرها وتستقذرها و تهوّن من شانها, فلو اطلقنا على رموز السلفية تسمية فقهاء المرأة لما تعدينا الحقّ . فالمرأة هي حمار السلفية القصير الذي يسعهم ركوبه و ارهاقه دون خشية من خالق او مخلوق. والمرأة عند السلفية هي طاحونة الهواء المهجورة، و الهدف الثابت التي يمارسون عليها تصويباتهم العشوائية، و حملاتهم الدون كيشوتية ،و يوسعونها طعنا برماحهم الصدئة، دون أن يخافوا عقباها . فالمرأة لوحدها هي التي يظهرون من خلالها رجولتهم( سئل جحا على من تظهر رجولتك قال على امي و إخوتي !) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هوامش و تعليقات ــــــــــــــ

(1) استطاع محمد الغزالي التخلص نهائيا من آثار اخوانيته السابقة، وكانت له مواقف شجاعة تستحق الإعجاب و التنويه، منها ما نشره في جريدة النصر العدد 23 سنة 1986 حين كتب " من حق المسلمين ان يعرضوا ما عندهم على غيرهم عرضا عاديا لا تقترن به رغبة او رهبة، فان عطلت اذاعتهم او صودرت كتبهم او حبس دعاتهم جاز لهم ان يقاتلوا حتى يتقرر لهم هذا الحق، أي جاز لهم امن يكسروا السياج الحديدي الذي تختفي وراءه بعض الفلسفات الضالة ".. فكتب الرجل تجمع الإمتاع و الفائدة و خفة الظل و تستحق المطالعة أكثر من مرة كما يعد الغزالي أشهر من استهان بالسلفية و نقدها نقدا لاذعا، و قد لاقى عنتا شديدا من كهنتها حيث اتهم بعداوة السنة المحمدية، و كان ذلك يؤلمه كثيرا, و لكن كتب محمد الغزالي لا تخلو من خيبات أمل و مفاجآت غير سارة، حين يكتب مثلا " و نحن نحني الرأس اجلالا للفقهاء الأربعة ابي حنيفة و مالك و الشافعي و ابن حنبل، و للأئمة الثلاثة ابن حزم و ابن القيم و ابن تيمية و للمصلحين الكبار محمد بن عبد الوهاب و ابن ادريس السنوسي و جمال الدين الأفغاني و محمد عبده و عبد الرحمن الكواكبي و حسن البنا و ابن باديس " ( من كتابه "كيف نفهم الإسلام" ص 98) فقد جمع هنا الدر و الحصى في سلة واحدة!... فالعبد الفقير مثلا، لا يجد بين من ذكرهم الغزالي من يستحق الإحترام غير ابي حنيفة وابن باديس و الكواكبي... كما ساءني من الشيخ ليس فقط عدم التثبت في عقيدة الشيعة فحسب، بل التنويه بالتجربة الخمينية في مواضع عديدة من كتبه الأخيرة .

(2)الدرة الخريدة للنظيفي ص 35 طبع دار الكتب العلمية 1998 بيروت لبنان
و ألإمر الذي لا يختلف بالنسية للميثولوجيا الشيعية فقد ورد في كتاب الكافي للكليني ــ أول مصدر شيعي معتبرّ ــ ثمانية أحاديث تنصّ على: إنّ على الناس أن يقبلوا كلّ ما يصلهم عن الأئمة رضي الله عنهم بدون أدنى سؤال! كما ورد في نفس كتاب الكافي و على لسان أحد أئمة الشيعة قوله : و نحن سر الله و و امانته ( انظر كتاب كسر الصنم ص 175آية الله العظمى ابي الفضل البرقعي)
(3) فمن تعصّب لشيخه ورمى سواه من العلماء العاملين بجهل دين الإسلام , على الرغم من صرفه لأكثر من ستّ عقود من أعمارهم بين كتب العل( فاجأني بعض هؤلاء البؤساء بزعمه أن محمد الغزالي ليس عالما ! " و ذلك بسبب إجتهادات أغضبت السلفيين الذين لا يؤمنون بجواز الإختلاف عمّا لم يرد في تحريمه النص القطعي الدلالة.( وهذا لا يعني وجوب قبول كلّ إجتهادات عالم ما أو أقواله, فالكل يؤخذ من قوله و يردّ مهما علت مكانته، و ارتفع شأنه إلاّ رسول الله صلى الله عليه و سلم . فأنتبه لهذا ).

 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire