موقع الشيخ أمين نايف ذياب
أمير
المعتزلة في الأردن
|
مفهوم الصلاة في القرآن الكريم | |
07/12/06 |
|
مفهوم الصلاة في القرآن الكريمقراءة موضوعية
أمين نايف
ذياب
بسم الله الرحمن الرحيمالمقدمةلم تكن لي ذات يوم أي صلة بالتفسير ، وكيف تكون لي صلة ؟ ! وأنا لست من حملة أية شهادة علمية ، فأرقى شهادة علمية حصلت عليها هي شهادة امتحان المعلمين الأدنى عام 54 م ، وصحيح أنَّي عملت مدرساً ولكن لفترة وجيزة لا تتجاوز أصابع اليدين ولم اكن معنيا ذات يوم بدراسة جادة دراستي قفزة هنا وأخرى هناك دون ما توقف فهي مطالعة بل قل تسلية ، وهكذا من خلال هذه المطالعات تشكلت لدي معلومات وفيرة ، .إلى أنْ جاء صيف عام 82 م يحمل في طياته حدثا لن أنساه أبداً ـ إنه تقدم اليهود في ربوع لبنان يقتلون ويقتلون ، وأنا مشدوه أتفرج على ما حولي لا تكاد عيناي تصدق ما يحدث .تداعى شريط التاريخ ، منذ بعثة الرسول ، وحتى ذلك اليوم ، وأنا أتطلع إلى المسلمين ، وهم يؤمون المساجد ، يتلذذون ، ويشنفون أسماعهم ، بالإنصات إلى الخطب النارية ، يلقيها السادة العلماء ، وكأنَّ وظيفتنا أمام ذلك الحدث ، مجرد الاستماع ، وربما تتحرك مشاعرهم ولكنها حركة صاحب البعير .
عدتُّ إلى نفسي أسائلها أنحن حقاً ورثة جنة النعيم ! ؟ أو لسنا العد الأكثر !
؟ أو لسنا أصحاب تاريخ المجد المسطور ، مداده دماء الصحابة الزكية ثم
التابعين جيلا فجيلا ! ؟ هل نحن من التابعين لهم ؟ أم أننا جيل المسخ ؟
.
من نحن ؟ سؤال لحوح ! ومع مجزرة صبرا وشاتيلا ! كَبُرَ السؤال ! وكاد يقتلني
! هل نحن المصلين أتباع القرآن ؟ ! أم الصلاة طقوس فقط ! ؟ .
كان لا بد من إجابة السؤال ، والجواب لا يكون إلاَّ في القرآن ، وكانت هذه
الرحلة العطرة الشاقة ، لكنِّي حصلت على الجواب ، أمَّا الجواب فكان في صلاة
مغرب ! فقد قرأت في الركعة الأولى [ أرأيت الذي يكذب بالدين * فذلك الذي
يدعُّ اليتيم * ولا يحض على طعام المسكين * فويلٌ للمصلين * الذين هم عن
صلاتهم ساهون * الذين هم يراءون * ويمنعون الماعون * ] .
وفي الركعة الثانية اكتمل الجواب [ ألهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر * كلا
سوف تعلمون * ثُمَّ كلا سوف تعلمون * كلا لو تعلمون علم اليقين * لترون
الجحيم * ثُمَّ لترونها عين اليقين * ثُمَّ لتسئلن يومئذ عن النعيم * ]
.
هكذا كانت الرحلة مع القرآن الكريم فإليكم يا معشر المسلمين بعض هديتي من تلك
الرحلة
بين يدي البحث
تشكل
الصلاة بركوعها وسجودها السمة الفارقة بين المسلمين وغيرهم ، من اتباع بقايا
الديانات ، أو الذين تركوا الديانات ، وساحوا في مستنقع الوثنية ، أو دجل
الإلحاد ، ويذكر لفظ الصلاة في القرآن ـ مع ما تصرف منها ـ تسعا وتسعين مرة
.
ولا
عجبَ إذن أن تشكل الصلاة المحور الأساسي ، في مفاهيم الأعماق ، لدى
المسلمين وأنْ يجرأَ العلماء من أهل التذكير ، على أنْ يختلقوا
الأحاديث المكذوبة ، مثل ان يقال “روى عن النبي صلى الله عليه وسلم - من
تهاون في الصلاة عاقبه الله بخمسة عشرة عقوبة : ستة منها في الدنيا ، وثلاثة
عند الموت وثلاثة في القبر ، وثلاثة عند خروجه من القبر . ”
(
ملاحظة أُبقيتْ ألفاظُ العدد كما هي في الأصل ).
فلا
شك أن الصلاة عمود الدين ، بدونها لا يمكن ان يقام الدين ، ولكنها ليست هي
الدين فالاقتصار على عمل الصلاة ، وما هو من مثلها من أحكام العبادات ، لنْ
تُغَيِّرَ من وضع المسلمين .
لكني
وجدت نفسي ولكوني أحد المسلمين ، اصلي بمساجد المسلمين ، واسمع خطابات الجمع
، ودروس المساجد ، وكلمات المناسبات ، ولقد تنقلتُ بين مساجد شتَّى ،
وقرأت بعض ثمار المطابع ، مما هو متعلق بالإسلام ، من كتب ، ومجلات ، وصحف ـ
وأصْغيتُ إلى ما يقال في الإذاعة والتلفزة ، فوجدت في كل ذلك ضبابيه المفاهيم
الإسلامية .
إِنَّ ما يَشَدُّ إلى الانتباه ، أن المتكلمين بالإسلام ، لم يتمكنوا من
تشخيص أمراض المسلمين وبالتالي لم تكن الوصفة العلاجية لتؤدي إلى أي تحسن في
المريض ، فكيف بابلاله ! .
أما
وأني رأيت القوم لم يستبنْ لهم الرشد ، فمفهوم الصلاة مثلا ، انتقل من
كونه حكما شرعيا ، ليس له من اثر في الدنيا مطلقاً ، وإنما أثره في الآخرة ،
وان كانت القراءة في الصلاة والجماعة في الصلاة ، والخطبة في صلاة الجمع ،
تؤدي إلى أثر في الدنيا ، لكن هذه الأعمال ليست هي الصلاة ، فقراءة القرآن
تكون في غير الصلاة ، وتكون في غير صلاة الجماعة ، وتكون في غير الخطبة كذلك
. أقول جعلوها ذات اثر في الدنيا .
لذا
كان لابد من إعادة قراءةٍ لمفهوم الصلاة ، في كتاب الله ، ليتضح هذا المفهوم
، لقد تتبع البحث لفظ الصلاة ، أينما ورد في القرآن الكريم ، فَوُجِدَ في
القرآن إحدى وأربعين كلمة ، يسبقها الفعل أقام ، وما تصرف منه ، من اصل ست
وسبعين آية ، وهكذا اهتديت بفضل الله تعالى إلى أولى خطوات
البحث.
أولى
خطوات البحث القيام بتصنيف مجموعة آيات الصلاة إذ وجدت أنها تتألف من عشر
مجموعات وبعد أن تم تصنيف هذه المجموعات ، كان لا بد من تناولها بالبحث بعد
ان تبين أنًّ مفتاح الفهم كامن في الفعل أقام فجرى تركيب الجمل البسيطة
التالية :
يقيمون الصلاة .
قاموا بالصلاة .
يصلون .
والظاهر ان المفسرين والفقهاء ـ اجزل الله الثواب لهم على مختلف مدارسهم ـ لم
يباشروا مثل هذا المنهاج ، فمن الطبيعي ان تختلط لديهم المفاهيم ، ليس
بالصلاة وحدها ، بل تعداها إلى كثير من مفاهيم القرآن .
بعد
هذه الخطوة ، واستبانة معنى الصلاة ، ورغم الثقة في النفس ، إلا أن
الخوف تملكني من عملاق استقرار الفهم المعين عند الناس ، فأخذت اهمس في هذه
المفاهيم على استحياء لمن أتوسم فيه امكانية الفهم إلا أنني قوبلت بالصد
والإعراض !! .
لذا
كان لابد من
الخطوة الحاسمة ، وهو توثيق هذا الفهم ، لأزحزح عن كاهلي عبء كتمان العلم ،
فشمرت عن ساعد الجد ، وأُعيد البحث والتنقيب في كثير من المفاهيم في القرآن ،
من مفهوم الصلاة ، إلى مفهوم القلب ، فمفهوم النفاق ، ومفاهيم جمع المال
وإنفاقه ، ومفهوم الجهاد ، إنَّ البحث في كل ذلك كان ، بحثاً عن المفاهيم لا
بحثاً عن الأحكام . لان المفاهيم هي التي تكيف السلوك ، مصطبراً على المشقة ،
معاهداً الله ان يكون العمل خالصاً لوجهه الكريم .
واستطعت أخيرا وبفضل من الله وكرمه وعونه ، أنْ تصح العزيمة على نشر ما توصلت
إليه فلذا أعدت كتابته للنشر ، وهي كتابة موجزة ليتمكن من الاطلاع عليه جمع
غفير من الناس موسوما ب "مفهوم الصلاة في القرآن الكريم”.
والله أدعو ان يتحقق به الإفادة وصدق الله العظيم حيث يقول:
(
فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض )
....الآية
والله الموفق
مفهوم "الصلاة" في
القرآن الكريم
يتردد لفظ الصلاة في القرآن الكريم كثيراً فكلمة الصلاة موضوع البحث وردت
تسعا وتسعين مرة بلفظ الصلاة او بفعلها او باسم الفاعل منها في تراكيب
متنوعة.
- الباب الاول
-
أولاً:
ا
ستعمال لفظ الصلاة مفعولاً به لمضارع الفعل يقيم
1. الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة
3 البقرة 2. الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون المائدة55 3 الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون الانفال3 4. ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله التوبة 71 5. قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة ابراهيم31 6. ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل افئدة من الناس ابراهيم37 7. الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة النحل3 8. الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة لقمان4 مخلصين له الدين ويقيموا الصلاة ويؤتون الزكاة البينه5
ما
يتبادر إلى ذهن الباحث حين يقرأ هذه الآيات التسع ان المراد من لفظ الصلاة هو
المعنى الشرعي لها أي الركوع والسجود أي فعل الصلاة وبيان مدى اهميتها فهي
احد اوصاف الهداية والفلاح (3 البقرة) وهي صفة اولياء الله ورسوله والذين
أمنوا (55 المائدة) وهي صفة المؤمنين الذين تجل قلوبهم من ذكر الله ويزدادون
ايمانا بتلاوة ايات الله وهم يتوكلون على ربهم (3 الانفال) وهي بعض اوصاف
الذين يستحقون رحمة الله (71 التوبة) وهي مطلب الله من عباده قبل يوم الحساب
(31 ابراهيم) وهي السبب الذي من اجله دعا ابراهيم ربه ليجعل افئدة من الناس
تهوى اليهم (37 ابراهيم) وهي بعض صفات المهتدين المبشرّين (3 النحل) وهي صفة
المحسنين (4 لقمان) وهي احدى صفات دين القيمة (5 البينه).
لذلك
لم يكن عجباً ان يظهر من الوعاظ وائمة المساجد والفقهاء والعلماء والمفسرين
هذا الاهتمام وذلك التنبيه للمؤمنين لحثهم على القيام بها ومع أن حكم القيام
بالصلاة احد احكام الشرع فهي عمود الدين وهي اول ما يحاسب عليه المؤمن وهي
التي لا تسقط مع وجود الخوف فهل المراد من هذه الايات اداء الصلاة أي القيام
باعمال الصلاة كما بينتها كتب الفقه أم ان الامر باقامة الصلاة يتجاوز فعل
الصلاة إلى اثارها خارج الصلاة لن نتعجل بالحكم حتى لا نقع بالخطأ فلابد من
عودة إلى بقية الآيات المتعلقة بالصلاة.
ثانياً:
استعمال فعل الامر اقم او اقيموا بحيث يأتي لفظ الصلاة مفعولاً
به.
وهناك
آية واحدة من نفس البناء الصرفي للفعل الا انها اتصلت بنون النسوة
هي:
واقمن
الصلاة واتين الزكاة واطعن الله
ورسوله
33 الاحزاب
تعداد
هذه الايات سبع عشرة آية وهي كلها قد اقترن لفظ الصلاة فيها بفعل الامر اقم
الذي يتصرف كما يلي اقام يقيم اقم اقامة وهذا التصريف استعمل ايضاً في الايات
التسع السابقة فلماذا استعمل هذا التصريف دون غيره مع أن الفعل قام يمكن أن
يؤدي الغرض حين يتعدى باحد حروف الخفض فهل الغرض فقط للتعدية ام ان هذا
الاستعمال يراد به غرض آخر اكثر اهمية من الاستغناء عن حرف الخفض ولماذا لم
تتنوع الاستعمالات وحقيقة اخرى لابد من التنويه بها وهي أن للصلاة فعل من
لفظها فاذا كان المراد فعل الصلاة، فلماذا جيء بهذا الفعل دون غيره؟ ان
التسرع باصدار الحكم يجعله في وضع غير تثبت به فلنكمل المشوار مع الصلاة حتى
يكون التثبت من معناها واضحاً.
ثالثاً:
لفظ الصلاة كما هو في لسان العرب بتصرف
الصلاة: الركوع
والسجود، والصلاة: الدعاء والاستغفار، والصلاة من الله الرحمة وهذه المعاني
كلها متنقله عن المعنى الاصلي للصلاة وهو اللزوم اذا قلنا انها من صلى واصطلى
اذا لزم او من الصّلوين أي مكتنفا العصص والازهري يرى انها من اللزوم. فهل
اللزوم يعني من كون ادائها في اوقاتها هي الصلاة او ان من طبيعة من يؤديها
مدركاً لحقيقتها ان يعيشها كل وقته المصحوب باليقضة أي تصبح حياته كلها صلاة
فهو حين يؤديها فانه فيها وحين يمارس كل التصرفات الاخرى الخارجة من ادائها
يتذكرها فيلتزم بالمفاهيم التي تحويها الصلاة فيكون عيشه كله صلاة في صلاة؟
ام انها في اصلها الالتزام وبالتالي يكون معنى يقيمون الصلاة يديمون
الالتزام.(1)
رابعاً: عودة
إلى الايات التي ذكرت فيها الصلاة التي يظهر فيها معنى الاداء فقط دون غيره
من المعاني
ان
الايات السابقة وهي تشكل مجموعة من ثماني عشرة آية ذكرت فيها الصلاة تسع عشرة
مرة تعالج موضوع اداء الصلاة من زوايا متعددة فهي كيفية صلاة الخوف (102
النساء) وهي طلب المحافظة على الصلوات (238 البقرة) وهي حالته حين نادته
الملائكة (39 آل عمران) وهي منع السكارى من أداء الصلاة (43 النساء) وهي قصر
الصلاة للضارب في الأرض (101 النساء) وهي كيفية صلاة الخوف في حالة اخرى من
حالات الخوف (102 النساء) ولتصف الآية 142 النساء كيفية قيام المنافقين لاداء
الصلاة. ولبيان فرائض الوضوء آية (6 سورة المائدة) وبيان كيفية اداء
المنافقين للصلاة بعد النداء فصلاتهم هزؤ ولعب آية (58 المائدة) وطريق
الشيطان للصد عن ذكر الله وعن الصلاة هي الخمر والميسر آية (91 المائدة) وفي
بيان وقت للشهادة لمن مات معهم شخص في الطريق وعهد اليهم بما معه حين الريبة
بصحة اداء العهده من اهل الميت او من ولي الامر آية (106 المائدة) وكيفية
الاتيان للصلاة من قبل المنافقين آية (54 التوبه) ولبيان اوقات الاستئذان
مرتبطة بوقتين من اوقات الصلاة آية (58 النور) ولبيان وجوب السعي إلى ذكر
الله أي الصلاة بعد سماع النداء يوم الجمعة والانتشار بعد ذلك آية (9و10
الجمعة). وهي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم ان لا يؤدي صلاة الجنازة على
المنافقين (84 التوبه).
ومن
الجدير بالذكر أن الصلاة هنا تعامل كأي حكم من أحكام الشريعة الاسلامية فلا
بد من القيام بها وهي في سلم القيم قيام بفرض ولا يظهر لها أية ميزة أخرى عن
أي حكم من أحكام الشريعة.وآيات هذه المجموعة لم يرد فيها الفعل أقام الا مرة
واحدة.
خامساً
: الصلاة بمعنى الدعاء والاستغفار والرحمة
والترحم
ولا
أظن أن هذه الايات تحتاج الى كثير جهد ليدرك أن معناها لا يمكن أن يخرج عن
أحد المعاني السابقة التي أشار اليها عنوان هذا القسم من البحث والخلاصة أن
الايات السابقة لا يمكن أن يقوم اختلاف على فهمها نظراً لدلالة التركيب دلالة
واضحة كل الوضوح.
سادساً
: لفظان من ألفاظ الصلاة يدلان على مكان الصلاة
أ.
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر
فيها اسم الله كثيراً. 40 الحج
ب.
واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى. 125 البقرة
ولا
أرى أية حاجة للتعليق على هذين اللفظين فهما مساقان لبيان مكان الصلاة بدون
أية إشارة الى كيفية الصلاة أو أي حكم من أحكامها.
سابعاً
: الايات التي ذكرت فيها الصلاة مقترنة بإسم الفاعل من الفعل
أقام
أ.
يؤمنون بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك والمقيمين
الصلاة.
162 النساء.
ب. رب
اجعلني مقيم الصلاة ومن
ذريتي.
40 ابراهيم
ج.
والصابرين على ما أصابهم والمقيمين
الصلاة.
35 الحج
هذه
الايات تحتاج الى وقفة طويلة فالاية الاولى جاءت كما يلي :
{ لكن
الراسخون في العلم منهم والمؤمنون-يؤمنون بما أنزل اليك وما أنزل من
قبلك-والمقيمين الصلاة-والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر سنؤتيهم
أجراً عظيماً }.
هذه
الاية من سورة النساء من المدني من القرآن وهي أطول سورة في القرآن الكريم
بعد سورة البقرة وغرض سورة النساء العمل بجد وجهد لمحو ملامح المجتمع الجاهلي
ونبذ رواسيه وفي توضيح معالم المجتمع الاسلامي الناشئ وتعريف المجتمع الناشئ
بأعدائه المترصدين له من المشركين وأهل الكتاب وتأتي هذه الاية في أواخر
السورة لبيان التكاليف المطلوبة من كل فرد من أفراد المجتمع الناشئ المنوط
بهم حماية مجتمعهم الجديد في كلام موجز غاية الايجاز محكم كل الاحكام ومع هذا
فقد وجدت شبهة في الفهم أما والامر هكذا فلا بد من أعمال العقل في تفهم هذه
الاية فالاية مختومة بأن الله سيؤتي من وصفهم في صدر الاية أجراً عظيماً
وبالعودة الى الاوصاف التي استحقوا بها هذا الامر العظيم هي كما يلي
:
أولا :
الايمان بما أنزل الى محمد صلى الله عليه وسلم وما انزل الى مواكب الرسل
قبله.
ثانياً
: إقامة الصلاة ( التي أخذت منحى إعرابياً مخالفاً لما قبله وما بعده
).
ثالثاً
: إيتاء الزكاة.
رابعاً
: الايمان بالله واليوم الآخر.
إن
فهمنا إقامة الصلاة بأداء الصلاة المكتوبة وايتاء الزكاة بالزكاة المفروضة
يجعلنا أمام أحد خيارين إما أن الاتصاف في هذه الصفات الاربع هو مطلب الاسلام
وما تبقى من مطالب أخرى لا اهمية لها ولا شأن لها باستحقاق الحساب ومثل هذه
الفهم من أشد الافهام خطراً على الاسلام أو فهمها على أن الشرط الاول-وهو
الايمان بما أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم- يعني العمل به إن كان يقتضي
الموقف العملي وهذا الفهم يأتي عليه الاعتراض التالي :
أن
الايمان وهو التصديق الجازم المطابق للواقع عن دليل والفهم السابق المشار
اليه يخرج الايمان عن تعريفه فيحتاج الامر للنظر في التعريف هذا من ناحية ومن
ناحية أخرى فإن الايمان بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم معطوف عليه بما
أنزل من قبلك فهل يأخذ المعطوف حكم المعطوف عليه أي العمل بما أنزل القرآن ما
أظهر ان احداً يقول ذلك.
هل
يمكن أن يكون معنى إقامة الصلاة القيام بالتكاليف العملية وأن إبقاء الزكاة
هي التكاليف المالية ؟
لنترك الامر ونعود اليه مرة أخرى فيما بعد.
أما
الاية الثانية فهي دعاء من ابراهيم عليه السلام { رب اجعلني مقيم الصلاة ومن
ذريتي ربنا وتقبل دعاء }
ولا
أدري لماذا لا يكون دعاء ابراهيم شاملاً كل الاعمال الشرعية التي يريدها الله
فكانت (مقيم الصلاة) لتعني كل الاعمال.
فهل
الصلاة لفظ موضوع للصلاة المكتوبة أو هو أعمّ وأشمل بحيث يشمل الشرائع
العملية كلها كما ان الزكاة تشمل الشرائع المتعلقة بالمال كلها فالاولى صلاة
لانها لزوم لامر الله كما يدل على ذلك الجذر اللغوي للصلاة والثانية زكاة
ومعنى ذلك التصرف بالمال على الوجه الذي يريده الله وبهذا يتحقق نماء المال
وهو الجذر اللغوي للزكاة وما ينفق من المال على الوجه الذي يريده الله يتحقق
عليه الاجر والثواب.
انني
لا أرغب أن أجزم بذلك قبل عملية إستقراء شاملة لكلمة الصلاة كما وردت في
القرآن الكريم أما لفظ الزكاة الذي فرض نفسه بالقوة بسبب قراءة آية سورة
النساء فله إستعراض شامل من غير هذه.
لنأت
بعد ذلك الى الاية الثالثة في هذا القسم وهي تبدأ بالإسم الموصول الذين فلا
بد من قراءة لفظين من الاية قبلها فتكون القراءة كما يلي وبشر المخبتين (34)
الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة
ومما رزقناهم ينفقون (35).
هذه
الاية الكريمة تحمل أوصاف المخبتين المبشرين،مشاعرهم مع الله
:
-
إذا ذكر الله وجلت قلوبهم _صابرين على قدر الله حين يحمل ما لا
يسرهم_
-
والصابرين على ما أصابهم _ والمقيمي الصلاة ومما رزقنلهم
ينفقون.
وإني
لاتساءل هل المقيمي الصلاة معناها أداء الصلاة المكتوبة وإذا كان ذلك فأين
بقية ما أوجب الله إيجاباً أي القيام بالفعل أو سلباً أي الامتناع عن
فعل.
ثامناً
: الصيغة التي وردت بها الصلاة مع الفعل الماضي أقام
*
آية 177 سورة البقرة : { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن
البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتب والنبيين وآتى المال على
حبّه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب
وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في
البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون
}.
*
آية 277 البقرة : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة
وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
}.
*
أية 12 المائدة : { ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر
نقيباً } وقال الله : { إني معكم إن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة
وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرتضم الله قرضاً حسنا لاكفرن عنكم سيئاتكم
ولادخلنكم جنات تجري من تحتها الانهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء
السبيل } . (إن الشرطية تفيد صيغة الملضي شكلاً ولكنها تدل على الحال
والمستقبل واقعاً).
*
آية 170 الاعراف : { والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة أنّا لا
نضيع أجر المحسنين}.
*
آية 5 التوبة : { فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم
وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة فخلوا
سبيلهم إن الله غفور رحيم }.
*
آية 11 التوبة : { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في
الدين ونفصل الايات لقوم يعلمون }.
*
آية 18 التوبة : { إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام
الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش الا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين
}.
*
آية 22 الرعد : { والذين صبروا إبتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة
وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى
الدار }.
*
آية 41 الحج : { الذين إن مكّناهم في الارض أقاموا الصلاة وآتوا
الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور }. (إن الشرطية
تدل على الحال والمستقبل مثل سابقتها)
*
آية 18 فاطر : { ولا تزر وازرة وزر أخرى وان تدع مثقله الى حملها لا يحمل منه
شيئ ولو كان ذا قربى إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا
الصلاة من تزكى فإنما يتزكى لنفسه والى الله المصير }.
*
آية 29 فاطر : { إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما
رزقناهم سراً وعلانية يرجون تجارة لن تبور }.
*
آية 38 الشورى : { والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى
بينهم ومما رزقناهم ينفقون }.
تتألف هذه المجموعة من اثنتا عشرة آية آثرت أن أكتب كل آية بتمامها واولى
الملاحظات التي لفتت نظري إسناد الفعل أقام الى الجماعة بصيغة الغائب في تسع
آيات منها وفي آية واحدة أسند الفعل الى ضمير المخاطب بصيغة الجمع وفي آيتين
أسند الفعل الى ضمير الغائب المنفرد والملاحظة الثانية انها كلها تحمل
البشارة بالمدح أو الفوز بالاخرة باستثناء آية 5و11 من التوبة المتصدرتين
بأداة الشرط في كل منهما وجواب الشرط هو إخلاء السبيل أو أنهم إخوة في الدين
فهب المدح على أداء الصلاة وما قبلها وما بعدها فقط أم ان لكلمة الصلاة معنى
يعود الى جذر كلمة الصلاة بمعنى اللزوم وإذا كان المعنى أداء الصلاة المكتوبة
فلماذا لم يستعمل القرآن الفعل المشتق من لفظ الصلاة والملاحظة الاكثر أهمية
والتي ذكرتها على عجل في التعليق على المجموعة الثانية هي في إستعمال الفعل
أقام المزيد بالهمزة في اوله وتحقق ثواب عليها شمل هذا الاستعمال كله الاّ
آيتي التوبة.
تاسعا
: معنى الفعل أقام باستقراءها في القرآن الكريم
لقد
استعمل الفعل اقام في أربع عشرة آية ولنبحث في لسان العرب عن المعنى الذي
يؤديه الفعل أقام فربما كان في ذلك مفتاح الاجابة عن هذا التساؤل الذي عانيته
طوال رحلتي مع آيات الصلاة فإني أرى القوم وقد امتلخ منهم الاسلام ولم يبق
منه الا أحكام العبادات ومشاعر الكهنوت يقومون بالصلاة فهل هم يقومونها وما
الفرق بين القيام بها والاقامة لها أهما لفظان لا يختلفان إلا في البناء
الصرفي أم هما مختلفا المعنى،إن الخذر اللغوي للفعل (أقام كلمة "قوم" وهو
نقبض القعود وأقام الشيء أدامه ) لسان العرب باب الميم فصل
القاف.
لقد
اخترت الاقتباس الموجز حتى لا أوقع القارئ في توهة. ونعود،للآيات التي تصدرت
هذا القسم فالجدار أدامه (77) الكهف وإقامة التوراة والانجيل إدامة العمل بها
وفيها العمل برسالة الرسول حين بعثه (66،68) المائدة،ولمن حبطت أعمالهم يديم
الله عدم الوزن (105) الكهف وهي ألا يديما حدود الله موجودة (229) البقرة وهي
دوام التوجه للدين (105) يونس (30،43) الروم وهي دوام التوجه للقبلة عند كل
مسجد (29) الاعراف وهي دوام الدين وعدم التفرق (13) الشورى وهي دوام الوزن
بالقسط (9) الرحمن وهي دوام الشهادة لله وهي إذن دوام الصلاة فهل هو دوام
الصلاة أي الصلاة المكتوبة أو الدعاء والاستغفار والترحم والرحمة او دوام
اللزوم لما يحمي من العذاب وهو كل تكاليف الاسلام العملية على الموجود
الانساني البالغ العاقل بخلاف التكاليف المالية فهي لا يمكن أن تكون إلا على
من لديه مال ولذلك كان ذها الاقتران بين الصلاة والزكاة او بين الصلاة
والانفاق أو بين دع اليتيم وعدم الحض على طعام المسكين أو بين المراء ومنع
الماعون أنهما تكليفان عمليان تكليف على النفس وتكليف على المال ولا يوجد غير
هذين النوعين من التكاليف إن كل الدلائل في هذا الاستقراء والمعايشة لآيات
القرآن الكريم نشير الى ان تركيب إقامة الصلاة يعني كل التكاليف
العملية المطلوبة من الكائن الانساني حين عقله وبلوغه،أنني لا أريد ان اجزم
بهذا وإنما اريد أن أنقل معايشتي لهذه الآيات عاملاً على تعميق فهم الآخرين
سائراً في طريق التفهم والتدبر والتحميص ةالاستدلال ملقياًُ الاضواء على كل
الجوانب لازالة بعضاً من الغبش والتمييع والتَّوْه الذي جعل المسلمين لا
تتحدد لهم معالم الطريق إنني اشق طريقة جديدة في كيفية فهم القرآن كانت ذات
يوم هي الطريق طريق صحابة رسول الله في الفهم وعودة الى آيات القرآن الكريم
في الصلاة.
عاشراً
: الالفاظ التي وردت بلفظ الصلاة محتملة أكثر من معنى
أ. {
واسعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين } 45
البقرة
تحتمل
لفظ الصلاة الركوع والسجود والدعاء والاستغفار والترحم وكذلك دوام العمل
بتكاليف الاسلام وبقراءة مجموعة الآيات من 40 الى 46 يتبين بوضوح أنّ المقصود
من لفظ الصلاة من هذه الآية الالتزام بكامل احكام الإسلام وهو الذي يشكل
كبيره الا على الخاشعين فانه سهل.
ب. {
اقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر} 78
الاسراء
1.
فسرها تنوير المقياس (المنسوب لابن عباس(اقم الصلاة) اتم الصلاة يا محمد بعد
زوال الشمس صلاة الظهر والعصر وبعد دخول الليل صلاة المغرب والعشاء وقرآن
الفجر صلاة الغداه.
-
واغلب الظن أن هذا التفسير المنسوب لابن عباس هو للكلبي المتوفى سنة 146 فهو
يشكل نظرة القرن
الثاني للتفسير وفي الذات في عهد حكم العباسيين.
-
منها يتبين انها الاوقات الخمس عند التنوير وانّ اقم (اتم).
2.
فسرها القرطبي في الجامع لاحكام القرآن بانها اشارة إلى الصلوات المفروضة مع
بيان اختلاف العلماء في الدلوك والغسق ويفسر اقم بمعنى أدم من الادامة
والقرطبي متوفى 671هـ.
3.
فسرها ابن كثير في تفسير القرآن العظيم باوقات الصلوات الخمس ولا يقدم
تفسيراً للفعل اقم والمفسر دمشقي توفي سنة 774هـ.
4.
اما الشوكاني فهو يردد اقوال المفسرين وانها متعلقة بالاوقات الخمس للصلاة
ولا يقدم كابن كثير أي تفسير للفعل اقم والمفسر يمني توفي في صنعاء عام 1250
للهجرة.
5.
اما سيد قطب الذي اعدم عام 1386هـ فهو يرى ان هذه الآية لا علاقة لها بأوقات
الصلاة وانها تكليف خاص للرسول ليقوم باعمال الصلاة
الركوع والسجود ويشير إلى اقوال المفسرين
بانها لاوقات المكتوبة ولكنه يرجح الرأي الاول ولا يعتني بالفعل اقم لا بهذه
الآية ولا بغيرها.
هذه هي
تفسيرات المفسرين لهذه الآية في خمسة ازمنة مختلفه ولكن كيف يمكن ان تطمأن
لمثل هذه التفاسير نفي وهي تفاسير تفرغ هذه الآية من أي مضمون فما قيمة ذكر
هذه الآية اذا كان هذا هو المعنى اشارة إلى الاوقات مع ان السنة القولية
والعملية بينت اوقات الصلاة بشكل ثابت وباستثناء القرطبي فقط اهمل، البحث في
الفعل اقم وكأنه حشو في القول وتعالى القرآن الكريم عن ان يكون فيه حشو او
حتى تكرار فكل تكرار يراه بعض الناس انما هو توضيح امر من زاوية
اخرى.
واخيراً فهل يمكن
ان يكون هذه الآية توجيه من الله لمن يحمل هموم الإسلام باللزوم لما طلبه
الله منه طيلة يقظته وليستمد من قرآن الفجر وتهجد الليل مذخوراً روحياً يكون
له نعم العون وهي لمحمد صلى الله عليه وسلم ولاتباعه ما دامت السموات
والأرض.
جـ. {
وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا} 31 مريم
أن هذه
الوصية هي لعيسى بن مريم قالها وهو في المهد فما هي الصلاة التي وصيّ عيسى
فيها وما هي الزكاة اليست من جوامع الكلم بحيث تكون الصلاة كل التكاليف
العملية وتكون الزكاة التكليف المالي لمن لديه المال.
ويمكن
لمن اراد العودة للتفاسير المذكورة في ب ليجد انها لم تذكر أي امر عن معنى
الصلاة والزكاة المفروضة على عيسى.
د. {
وكان يأمر اهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا} 55
مريم
الضمير
في اهله يعود على اسماعيل عليه السلام فهل شريعة اسماعيل الصلاة والزكاة فقط
ام انهما معنيان شاملان لكل التكاليف.
هـ. {
فخلف من بعدهم خلف اضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات} 59
مريم
انها
أيضاً توضيح للمعنى الذي يكاد يظهر كالشمس في رابعة السماء وهو ترك
التكاليف.
و.
{وامر اهلك بالصلاة واصطبر عليها نحن لا نسئلك رزقا نحن نرزقك والعاقبة
للتقوى} 132 طه
رحم
الله المفسرين ان لفظ الصلاة يكاد يصرخ انني كل تكاليف الشرع وانني ولان
الناس يميلون إلى الدعة والراحة وزخرف الدنيا فمن يريدني فهو ليس بحاجة إلى
الصبر بل إلى الاصطبار وما علاقة الرزق بالصلاة ايضا اذا لم تكن الصلاة هي
تكاليف الإسلام وهل الصلاة المكتوبة ولااء الرزق اليست هي تكاليف الإسلام
عملاً به وعملاً له، ان المفسرين لم يخطر ببالهم هذا المعنى الا سيد قطب فقد
حام حول المعنى ليرى ان عبارة (واصطبر عليها) أي على اقامتها كاملة وعلى
تحقيق اثارها فجعل الإسلام اثراً من آثار الصلاة مع أن الصلاة المكتوبة أثر
من آثار الاسلام يقوم بها المؤمن فريضة ورغبة ورهبة.
حادي
عشر: الصلاة مضافة الى مصدر الفعل أقام اقامة أقام حذفت الهاء
للاضافة
أ.
أ.
{ وأوحينا اليهم فعل الخيرات واقام الصلاة } 73
الانبياء
ب.
ب. {
رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة } 37
النور
ج.
ج.
{ إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } 45 العنكبوت (ليست من هذه
المجموعة)
إن
الآية الاولى وهي تأتي في سورة الانبياء في نهاية القسم الخاص بقصة إبراهيم
عليه السلام الذي ابتدأت الانسانية برسالته تسير شوطاً بعيداً نحو مرحلة بلوغ
الرشد فهو رسول بالدين الحنيف أي المائل عن الشرك ولا نعني بذلك أن من قبله
من الانبياء دعوا الى غير التوحيد ولكن القضية متعلقة بالقطاع البشري من
قدرته على تحمل التجريد المطلق الغير متعلق بزمان أو مكان أو حد فبعد بيان
قصة رسالته وقد تدخلت القدرة الالهية مباشرة لحمايته يهب الله له اسحق بعد
اسماعيل ثم يعقوب نافلة لتكون نهاية قصتهم.
{
وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا اليهم فعل الخيرات واقام الصلاة وإيتاء
الزكاة وكانوا لنا عابدين } صدق الله العظيم.
اليست هي مرة أخرى فعل كل التكاليف في الجسد والمال التي كلفوا بها وبالعمل
بها كانوا لربهم عابدين.
لا بد
لفهم آية النور من قراءتها مع ما قبلها.
في
بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها أسمه يسبح له فيها بالغدو والايصال-رجال لا
تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة يخافون يوماً
تتقلب فيه القلوب والابصار.
إنهم
رجال يسبحون في بيوت الله بالغدو والايصال فمن هم هؤلاء الرجال أنهم رجال
يعملون بالتجارة والبيع ولكنها ليست هي محور حياتهم ولا غاية وجودهم فلا
تستغرق عليهم وقتهم أنهم يذكرون خالفهم ذكراً عملياً فيندفعون في أداء
التكاليف من جسدهم ومالهم خوفاً من يوم تتقلب فيه القلوب والابصار وربما يظن
كثير من الناس أو الواو في واقام وفي وايتاء عاطفة عطف نسق والحقيقة أنها
الواو بمعنى مع أي اقام الصلاة مع ذكر الله وايتاء الزكاة مع ذكر الله
فالالتزام بأحكام الله العملية دون اتصالها بأساسها وهو ذكر الله لا يجعل
للعمل أية قيمة عند الله والقيام بتكاليف المال دون اتصاله بأساسه أيضاً لا
قيمة له وإنما بكون حين إدراك صلة الله بالعمل أي مزج المادة بالروح ولا يمكن
أن يكون العمل قائماً على أساس مزج المادة بالروح إلا لمن يخاف يوم
الدين.
كم
يكون الامر مثيراً للعجب اذا أخذنا برأي المفسرين فالتسبيح بالغدو والايصال
الصلاة المكتوبة وذكر الله طاعة الله ويقال الاوقات الخمس واقام الصلاة إتمام
الصلوات الخمس ورحمه الله القرطبي فقد فطن لما لم يفطن اليه الآخرون من هذا
التفسير الذي يكون تكراراً لعمل واحد فقد ذكر الله غير الصلاة ولكنه بعد ذلك
عدل الى بحث لغوي لا يفيد التفسير شيئاً ولقد حاولت أن أجد ضالتي في تفسير
سورة النور لمفسرين معاصرين هما عبد الرحيم أبو علبه وزميله مطبوع عام 1404
هجري ولكني عدت منه خالي الوفاض.
أما
الآية الثالثة وإن كانت لا تنتمي الى هذه المجموعة ولانني لم أستطع أن أضعها
في مجموعة ما فقد وجدت أن أضعها في هذه المجموعة والآية هي: { اتل ما أوحي
اليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر
الله أكبر والله يعلم ما تصنعون } ليكون العمل محقق للغاية منه لا بد أن
تتوفر فيه أربعة شروط:
الاول:
الفهم السابق عن القيام بالعمل.
ثانياً: القيام
بالعمل أي بالعمل الدؤوب حتى توجده.
ثالثاً: نتائج
العمل.
رابعاً: الغاية من
العمل.
إننا
ونحن في بحث الاعمال التي أوجبها الشرع لا بد من القيام به ضمن الامور
الاربعة السابقة.
إن
الفهم المسبق للعمل يتم بمعرفة نصوص الوحي { اتل ما أوحي اليك من الكتاب
}.
أن
يتلبس بالعمل بالشريعة على وجه اللزوم واقم الصلاة.
أن
يحقق هذا التلبس بالعمل ابعاد الفحشاء والمنكر أي المعاصي القبيحة والمنكر
المخالف للشريعة حتى وإن كان حسناً لدى العقل.
أن
يقترن العمل بالغاية والغاية هي الائتمار بما أمر به الشرع والانتهاء عما نهى
عنه الشرع أي يكون العمل مصاحباً لذكر الله الذي هو أكبر أهمية في خطوات
العمل فيمكن أن يتم عمل وبه الثلاثة الاولى فلا يستحق صاحبه الثواب والاجر {
ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون }
ثاني
عشر: وبعد وقد بقي الافعال المشتقة من الصلاة أو الصلاة مضافة الى الضمير
الذي هو فاعلها
أ.{
فلا صدّق ولا صلّى
}
31 القيامة
ب. {
وذكر اسم ربه فصلى
}
15 الاعلى
ج. {
أرأيت الذي ينهى عبداً اذا صلى
}
10 العلق
د. {
ولا تصلّ على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره } 84
التوبة
ه. {
إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر
} 2
الكوثر
و. {
قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن تترك ما يعبد آباءنا }87
هود
ز. {
وهم على صلاتهم يحافظون
}
92 الانعام
ح. {
وما كان صلاتهم عند البيت الا مكاء وتصديه } 35
الانفال
ط. {
قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون
} 2 المؤمنون
ي. {
الا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون
}
23 المعراج
ك. {
والذين هم على صلاتهم يحافظون
}
34 المعراج
ل. {
فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون }
5 الماعون
م. {
والذين هم على صلواتهم يحافظون
}
9 المؤمنون
ن. {
قالوا لم نَكُ من المصلين
}
43 المدثر
إنك
الآن وأنت تعلم أن لفظ الصلاة ليس موضوعاً للصلاة -الركوع والسجود ولا لمعنى
الاسغفار والدعاء والرحمة والترحم بل هو موضوعٌ أصلاً لغير ذلك اذ هو لزوم
النار للحصول على الدفء فانتقل المعنى الى المعنيين السابقين انتقالاً لعلاقة
اللزوم في كل من الدعاء والقيام مع الركوع والسجود لما سبق فإن من العسير
معرفة اللفظ دون التوثق من القرائن التي تحف به في السياق الذي أُستعمل فيه
اللفظ.
الفعل صّلى في الآية الاولى يأتي في سياق استحقاق العذاب { فلا صدّق ولا
صلّى- ولكن كذّب وتولّى } تعني ولم يلزم أوامر الله بدلالة تولّى التي جاءت
كتقابل يؤدي نفس المعنى باستعمال حرف النفي وتولى في الآية المتعدية بحرف على
فإنها بمعنى أعرض ونأى عن الامر فالتولية معناها الاقبال والادبار والآية
الثانية يمكن استعمال المعاني الثلاث كلها وان كنت أرجح أيضاً أن معناها
أيضاً اللزوم لتكاليف الله فإن هذا المعنى يشمل كل المعاني وكذلك صلى في سورة
العلق فإنها تحتمل المعاني الثلاث أما ولا تصل في الآية 84 التوبة فهي نهي
للرسول عن صلاة الجنازة على أناس معلومين للرسول والدعاء لهم.
أما
الآية الخامسة فهي من سورة الكوثر وقرائن السورة لا ترجح معنى على آخر
فنبقيها في معناها الاصلي وهو اللزوم , أما المحافظة على الصلاة التي
وردت في الآيات (92 الانعام،34 المعارج،9 المؤمنون) فإن المحافظة معناها
التعاهد وقلة الغفلة فالاةلى أنهم يتعاهدون تكاليف العمل لبقاء الالتزام
بالتكاليف وربما يعترض معترض بلفظ الجمع فإن إضافة الصلاة اليها معناها أنها
صلاة من حيث الركوع والسجود مؤداة والمطلوب الحفاظ عليها أي الالتزام بتكاليف
الاسلام.
أما
الآية 87 هود فهي الصلاة بمعناها المنتقل أي الركوع والسجود أو الدعاء عند
ابن عباس ومفسرين آخرين وهي الدين عن الحسن وعطاء وأبي مسلم قالوا كنّى عن
الدين بالصلاة لانها من أجل أمور الدين ( مجمع البيان في نفسير القرآن جزء 5
ص 286 للطبري) ويراها السيوطي أيضاً أنها الدين والحقيقة أن معنى الصلاة هنا
الدين.
أما
آية 2 المؤمنون فهي مدح للمؤمنين الذين هم في صلاتهم خاشعون فهي متعلقة
بالصلاة بمعنى الالتزام بأوامر الله على أن يكون هذا الالتزام ذا توجه قلبي
خالص لوجهه الكريم فالخشوع مطلوب بالصلاة المكتوبة كما هو مطلوب في كل
الاوامر الاخرى ولهذا نجد القرآن الكريم يعيب على الجاهلية صلاتها التي هي
مكاء وتصديه 35 الانفال أي بالتصفير والتصفيق فصلاتهم مجرد لهو وعبث لا
يخالطها الاخلاص الخالص لوجه الله الكريم.
أما
الآية 23 من سورة المعارج فهي أيضاً بمعنى الالتزام ودوام هذا الالتزام
واستمراره بحيث لا يكون نابعاً عن ثورة في المشاعر اثر فقد عزيز أو اثر هزة
عنيفة فمثل هذا الالتزام لا يمكن أن يدوم ويستمر، أما الآية الاخيرة وهي من
سورة المدثر فهي سبب العذاب لانهم لم يلتزموا بالتكاليف { قالوا لم نك من
المصلين }.
إن
آيات الصلاة حين لا تكون بياناً لكيف أي حين لا تكون متعلقة بالاحكام العملية
فإنها كلها بعد ذلك تخدم غرضاً واحداً هو أهمية القيام بالاعمال المطلوبة
دونما فرق بين عمل وآخر فالمسلم نتيجة لهذا الفهم عمل دائباً على صلاة دائمة
متصلة بالايمان فالاعمال تكاليف الله للمكلف والقصد منها وجه الله الكريم
.
ختاماً
أدعو الله أن يتقبل عملي خالصاً لوجهه الكريم.
تم
الانتهاء من هذا البحث صباح يوم الاثنين في يوم الثلاثين من ربيع الاول عام
1407 هخري الموافق 01/12/1986 وتمت مراجعته في صباح الثلاثاء 15 رمضان 1407
هجري الموافق 12/05/1987 ميلادي
أمين نايف
ذياب
بسم
الله الرحمن الرحيم
محاور
البحث
1.
كيف تؤمن الأمة
بالإسلام ؟ .
2.
كيف يمكن
فهم الإسلام ؟ .
3.
كيف يوضع الإسلام
موضع التطبيق لقيادة الحياة ؟ .
ما
لا يستطيع إنكاره أي واحد من المسلمين بل الناس جميعا سوء حال الأمة
الإسلامية في سائر أقطارها ، فهي في أسوأ حالات الهوان ، وفي أشد حال من ضنك
العيش ، وفي ذيل الأمم في التقدم العلمي ، وهي تتراجع يوما بعد يوم في وضعها
السيادي ، وهي بعد ذلك كله مستهدفة من أشرس عدو بربري في التاريخ الإنساني
كله ، إنهم برابرة القرن الحادي والعشرين بوش وبلير وشارون ، فهم يعملون على
اندثار هذه الأمة الخيرة بكل همجية ، وما جرى ويجري الآن في العراق ، وما
يحدث من اغتيال وقتل لأهالي فلسطين ، وما يفعل علنا وفي وضح النهار في
أفغانستان ، وفي سائر أقطار الأمة الإسلامية شاهد حي على ذلك ، فهل يستطيع
أنْ ينازع في هذا الوصف منازع ؟ !!! .
هل
يمكن لواحد أنْ يتجرأ ويقول : إنَّ سبب هذه الحال يعود لكون الأمة تطبق
الإسلام في حياتها ، فسبب تأخرها هو الإسلام ، إلاِّ من كان على صفاقة
متناهية ، إنَّ بقية الدولة الجامعة ( الرجل المريض ) غابت شمسها منذ نهاية
الحرب الكونية الأولى ، وبين الحربين الكونيين وبعد الحربين عاشت الأمة أشد
أنواع الإحن والمـحن ، أليس هذا القول حقيقة ناصعة
؟
|
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire