هو أبو ذر جندب بن
جنادة من قبيلة غفار.. صحابي جليل، ومن أكثر
الصحابة مجاهرة بالحق، ومن السابقين إلى
الإسلام.. كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
يحبه كثيراً، ويقول عنه: (ما
أظلت الخضراء (السماء)، ولا أقلت الغبراء (الأرض)
من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذر) [رواه
الترمذي وابن ماجه].
أحبّ أبو ذر (رضي
الله عنه) الله ورسوله حبّاً كبيراً، وذات
يوم قال للنبي: يا رسول الله، الرجل يحب
القوم ولا يستطيع أن يعمل بعملهم، فقال له
النبي: (أنت مع مَنْ أحببت يا أبا
ذر) فقال أبو ذر: فإني أُحب الله ورسوله،
فقال النبي: (أنت مع مَن أحببت)
[رواه أحمد]، وكان رسول الله يبتدئ أبا ذر إذا
حضر، ويتفقده (يسأل عنه) إذا غاب.
كان (رضي الله عنه)
متواضعاً يلبس ثوباً كثوب خادمه، ويأكل مما
يأكله، فقيل له: يا أبا ذر لو أخذت ثوبك
والثوب الذي على عبدك وجعلتهما ثوباً واحداً
لك، وكسوت عبدك ثوباً أقل منه جودة وقيمة، ما
لامك أحد على ذلك. قال أبو ذر: والله لا أعمل
لأني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
يقول: (إخوانكم خولكم (عبيدكم)
جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده
فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا
تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم)
[رواه البخاري].
وكان زاهداً في
الدنيا إلا من العلم والتعلّم والتبحّر في
الدين وعلومه. قال عنه علي بن أبي طالب (رضي
الله عنه): "وعى أبو ذر علماً
عجز الناس عنه".
وكان (رضي الله
عنه) يحب الفقراء والمساكين ويدافع عنهم،
حتى سُمي بمحامي الفقراء، فكان يحارب اكتناز
المال بقوله: "بشر الكانزين
الذين يكنزون الذهب والفضة بمكاوٍ من نار
تكوى بها جباههم وجنوبهم يوم القيامة".
وفاته:
أقام أبو ذر
وحيداً في صحراء "الرَّبَذَة" مع زوجته
وغلامه حتى مَرِضَ مرض الموت فأخذت زوجته
تبكي، فقال لها: ما يبكيك؟ قالت: ومالي لا
أبكي وأنت تموت بصحراء من الأرض، وليس عندي
ثوب أكفنك فيه، ولا أستطيع القيام بجهازك.
قال أبو ذر: إذا مت فغسلاني وكفناني وضعاني
على الطريق، وأول ركب يمرون بكما قولا: هذا
أبو ذر.
فلما مات (رضي
الله عنه) قاما بما أمرهم به، فمرَّ بهم عبد
الله بن مسعود مع جماعة من أهل الكوفة، فقال:
ما هذا؟ قالوا: جنازة أبي ذر. فبكى ابن مسعود
وقال صدق رسول الله: (رحم الله
أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده)،
فصلى عليه ودفنه سنة 31هـ.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire